يا فتـــــى كـــــان دائمـــــا خلوقــــــــــــا
يمـــد يــد العــون و إن لم أشــــــــــــــــأ
فكيـــــف كـــــان لـــــــــــى صادوقـــــــا؟
و كــــيف هـــــذا الـــــــود قـد نشـــــــــأ؟
و اذا مـــا مرحنــا فقـد اصابنـا التـوفيــــق
ان نهزى و نهزأ بدوران الارض العتيـــق
و اذا مــا فكـــرنا فى الامــــــــــــر مليـــــا
نهــــــــدأ و لا نكـــف لهـا عن التصفيــــق
فجـــــــــأة, وقفت أصفق وحـــــــدى
أصفـــــــــق علـــــــى وجهـــــــــــــى
و قلبـــى يزمجر من أعضاء جســـدى
و عقلـــى يئــن من تحليلــه العميــــق
أهـذا مشهـدا تسلـل إلـىّ من الجحيــم؟
أم ان هذه جنازة من خمسة صناديـق؟
فجملـــــــــة, أسـوأ شىء فى الحيـــــاه
لا تبـــــدأ بوصــــف هـــــذا الـوضــــع
فكيـــف سنكّمـــل الطـريـــق لمنتهـــاهُ
إذا كــان للحيــــــــاة أســـــوأ طبـــــع
بعدمــــا تعلقنــــا و أذابتنــــا العشـــره
يختـــار المـــوت الصفـــوة و ينتشــــل
فكــــــــــل ودا صادقـــــــــا يولــــــــــد
يمــــــــوت دائمــــــــا و لا يكتمــــــل
فإذا ما سمــع القـدر بأنفاسنـا تتخلـط
يفتــح لنـا بسكينـه جروحـا لا تندمــل
فيتعاظــم علينــا الــحزن و يتسلــــط
فكيـــــــف لنـــــــا أن نحتمــــــــل ؟!
يـا ويلات الآمهات من فقدان البنون
بعدمــا شــب و أصبــح ذو يد حنون
تنـــوح الآمهـات و تبكــى و تنكسـر
و بيـن إيمانهــا و أحزانهــا تنحصـر
يحكـون لهم عن تجارب أبينا أيـوب
و كيـف كان بإيمانه و صبره دؤوب
و كيـف كان إبــليس معه لـــــــعوب
و كيف إذا فقأت دمامله أنزلت طيوب
لكنها كـــانت مشـاهدا تقتـل من يراهـا
فكيف انتحر النشاط من أجساد انتقاها؟!
و خمــــــــد حيـــــــــــاء الأجســــــــاد
فـلا تهتـــــم بهندامهـــــا أو عراهـــــا؟!
نحـن نهـتم إذا ما تنصلت عنكم اللياقه
فأنتم أحبابنا الدائمون بميثاق الصداقه
لا ميــــــــزان للأدميــه سوى الإحترام
و لا جزاء لكــــــــريم ســـوى الإكــرام
فكيف تجراؤا!
أن يطرحونكــــــم جميعا على الارض
و يرينكم لأحبائكم ملقون فوق بعـض
ألــم يكتفـــــــى الشريــــر رحيلكــــم
ولـم يكتفـــــــى بــــــزوال رحيقكـــم؟!
لـــم أطـــــــــق أن أنظــــر أعزائــــى
لكى لا أعـــــــــــكر حتـــى ذكرياتـــى
لكنى تعلمت أن الويل لمن ينظر المشرحه
فـلا أعتقـد أن يرى بعدهـا لحظــة مفرحـه
أتدهور فى صمـت أشبـه بسكـون الصخــــر
أو اسنانا تتسوس دون ان تصرخ من النخر
أو ذبـابـة وقعـــت كوليمــه لتيارات البحــــر
فرجعنـــــا إلى الكنيســه لكـــى ننتظـــر
و أنتظرنا قدوم الموكب كئيــب النظــــر
فوجدنا الكنيسه مملؤه بمرهوبو القلوب
يخشــون مـن أن تنتقــم منهم الذنـــوب
و مرت صناديقهم أمامنا كزواج الرهبان
عجيب أن يسمى جثة بعدما كان إنســـان
و دخلنا إلى الكنيسه نهتدى بدموع السابقين
و أبــت أن تدمــــــع عينــاى بدمــع الخائفين
بل أدمعــت دمـــــــع خفى ذو هيكل شفـــاف
ينزلـــــــق من قمة رأسى دون إئتــــــــلاف
و خرجنا بعد الصلاة و حقا أحشائى توجعنى
و ضميـــرى يتجاذب معـى و يجرجرنــــــــى
و الليـــــــل سـادلا سـتائره السـوداء حــدادا
و أشــرفت لحظـة الدفــــن إنتهـــــــــــــــاءا
و جــــــــــــــال فـــــــــى خاطـــــــــــــــرى
كيــــــــــــــــف سيكـــون مستقبلــــــــــــى
و أنـــــــــــــــا كارهــــــا لحاضــــــــــــرى
و أنظـــــــــــر الى صندوقه متعجبــــــــــــا
أسيرضى أن يبيت هذه الليله هنا مستسلما!
و سمعـت صوت فاتحـوا القبـر أنه لايفتـح
قفــل باب القبــــر أبــلاه الصدأ فلا يكبـــح
او لعـــــل قد ابدلت مفاتيحه لذلك لا تفتـح
و توهمت انها أخر فرصـة له فى العـوده
و إظــــــــــهار براعتــــــه للحيــــــــــــاه
و إنهــــا خســــــرت مثل هذه الجـــــوده
و لكــــــــــن صــــــوت أخر قد ظهـــــــر
و كأنــــــــــه صــــــــــــوت القـــــــــــدر
هلـــــــــــــم أيها الشـــــاب إلى أحشائى
إن الإبتــلاع فطرتـــــــــــى و دائــــــــى
دعنــــــــــى أحتفل بك كمـــا يليـــــــــق
فأنـــــــــــــا ضارب أحباؤك وبك شفيق
وضعتهـــــم كلهــــم فــــى درب مضيق
و إليـــــــــك أفسحـــــت الطريــــــــق
أحسســــــت أنـــه سـوف يخرج يداه
فـــــــــــــــى أخـر مـــرة و نحن نراه
و يودعنـــــا مفصحا عن سر الحيـاه
لم يشقنى فى هذه التجربة الفراق فقط
بل أضنانى أن الغريق أنفاسه لا تلتقط
يستغيــــث و لا أحــــد يسمع قـــــــــط
يصــــارع مــن أجـــل الحيــــــــــــــاه
و الحيــاة لا تهتم بمـــــن سقـــــــــــط .